الحركة الإسلامية الليبية للتغيير
بيان تأسيسي .. ونداء للشعب الليبي
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين .. وبعد ،
إننا بعد دراسة مجريات الأحداث على الساحة الليبية وتطورات الأوضاع في دول الجوار ، وكنتيجة حتمية لاستمرار النظام الليبي في الظلم والاستبداد وقمع الحريات رغم مطالب شعبنا المتكررة بالتغيير والإصلاح والقضاء على الفساد ووضع حد لسطوة الدولة البوليسية ، وتحقيق العدالة الاجتماعية واستثمار ثروات البلاد لتحقيق التنمية السياسية والاقتصادية والانسانية واطلاق الحريات والإفراج عن المعتقلين السياسيين والتحقيق في قضايا التعذيب والقتل الجماعي التي مارسها النظام على مدى سنوات حكمه ، وأخذا في الحسبان نتائج تجربتنا السابقة ودروسها في إطار الجماعة الاسلامية المقاتلة وما آلت إليه الأوضاع في الآونة الاخيرة ، وتقديرا لظروف المرحلة وايمانا بأن أساليب النضال محكومة بالعوامل الذاتية والموضوعية والمتغيرات الجيوسياسية فإننا نعلن عن تأسيس الحركة الاسلامية الليبية للتغيير لمواصلة العمل النضالي والسياسي ضد الظلم والإضطهاد الذي يتعرض له الشعب الليبي ، وأداة للتعبير عن رفض شعبنا لاستمرار طغيان هذا النظام واستبداده وللمطالبة بالتغيير السياسي وانهاء حالة القمع والفساد ، ورافدا من روافد الأمل لدى شعبنا بأن مستقبلا أفضل ينتظر الوطن وأبناءه.
إننا لا نطلب اليوم أكثر مما يطالب به شعبنا من حرية وكرامة انسانية وحياة كريمة تليق بالشعب الليبي وبمقدراته وثرواته التى حباها الله بها واحترام لعقيدته وشعائره وعرفه وتقاليده وثوابته الوطنية ، وحق الناس في اختيار من يحكمهم ومحاسبته ، والحق في ابداء الرأي في سياسة النظام وطريقة ادارة البلاد عبر حرية حقيقية وليس سلطة شعبية مزعومة لا تمثل إلا غطاءا للديكتاتورية والقمع وحكم الفرد الواحد والحزب الواحد والنظرية الواحدة.
وفي هذا الاطار نوجه رسالة واضحة للنظام في ليبيا مفادها أن طوفان ثورة الغضب العارمة الملتهب في تونس ومصر لن ينتظر تأشيرة أو إذنا بالدخول على الحدود في رأس اجدير أو امساعد ، وأن صبر الليبيين قد بلغ حدوده القصوى ، وإذا كان هناك عقلاء داخل النظام يفهمون طبيعة المتغيرات التى تمر بها المنطقة فلابد أنهم يعرفون أن هامش المناورة يبدو معدوما ، وأن فترة القيام بخطوات جادة وحقيقية محدودة زمنيا وأنه لابد لهذه الخطوات أن تكون على قدر كاف من الكم والنوع بما يُرضي تطلعات وطموحات شعبنا ، وتلك مهمة في غاية الأهمية وفرصة لربما تكون الأخيرة ، يعتقد الكثيرون ونحن منهم أن النظام لايبدو قادرا على تنفيذها أو استيعابها بحكم طبيعته الاستبدادية وعقليته الشمولية وعدم مبالاته بمطالب الناس وحقوقهم .
إننا إذ ندخل مرحلة نضالية جديدة لا نتبنى فيها مشروعا مسلحا ، بل إيمانا بقدرة الشعب الليبي على إحداث التغيير الذي يتطلع إليه وهو القادر وحده - بعد الله تعالى - على ترجمته الى فعل واقعي على الأرض عن طريق حرية التعبير والاعتصام والاحتجاج السلمي تجسيدا لآرائه وتطلعاته نحو مستقبل أفضل ، واغتنام الفرصة التاريخية لإطلاق الشرارة الأولى لثورة الشعب السلمية الحقيقية لكشف هذه الثورة المزيفة التي يكتوي بنارها الليبيون منذ أربعة عقود عجاف ، ونعتقد اعتقادا جازما بأن أمر انهاء الاستبداد والطغيان في ليبيا صار اليوم - بعد الله سبحانه وتعالى - بيد الشعب الليبي وحده كما لم يكن أبدا قبل ذلك .
ومن خلال متابعتنا لما يجري في مختلف المدن والقرى الليبية من حراك شعبي وتواصل انساني يعبر عن لحمة هذا الشعب العظيم واستعداده المكثف لبدء الخطوة الأولى لمشوار الألف ميل ، فإننا نضم صوتنا إلى صوت الشرفاء من أبناء شعبنا المطالبين بتفجير يوم الغضب الليبي بطريقة حضارية سلمية للتعبير عن حقيقة الشعور الليبي الجماعى تجاه هذا النظام واستبداده وللمطالبة بحقوق الليبيين الأساسية.
ونوجه النداء لشباب ليبيا الأحرار وقادة مستقبله لأخذ دورهم الريادي في انتفاضة الشعب نحو حريته واستعادة استقلاله ، ونؤكد لكم أننا نعلق الامال على عاتقكم في انقاذ ليبيا من هذا الجحيم الذي تعيش فيه وتقديم الوجه الحقيقي للشعب الليبي الطامح للحرية للعالم بأسره ، ولا يخالجنا أدنى شك أن شباب مصر وتونس ليسوا أكثر منكم حبا لأوطانهم وحرصا على مستقبل بلادهم ، وندعو أبناء التيار الاسلامي في ليبيا على وجه الخصوص لمشاركة كافة أبناء الوطن وشبابه في الإعداد ليوم الغضب الليبي وأخذ دورهم الطبيعي في حركة مقاومة ظلم هذا النظام واستبداده ، إذ لم يتعرض تيار في ليبيا خلال العقدين الماضيين لمثل ما تعرضتم له من قمع وقهر للرجال وحرب شعواء استهدفت رواد بيوت الله حتى صارت صلاة الفجر في المساجد تهمة بحد ذاتها ، ولعل أرواح أكثر من 1200 من شهدائنا الابرار في مذبحة سجن أبوسليم خير شاهد على ذلك.
إننا إذ يحدونا الأمل ونحن نرى صروح الطغيان تتهاوى عن شرق البلاد وغربها - مما يؤكد أن هذه الدكتاتوريات هي عبارة عن أنظمة ورقية لا تقوى على الصمود أمام ارادة الشعوب وقراراتها - لا نشك أبدا في حكمة الشعب الليبي وارادته وعزيمته - إن شاء الله - على اقتناص اللحظة التاريخية وانهاء حكم الاستبداد واعادة الكرامة لأرواح الشهداء الذين قاوموا الاحتلال والطغيان ، وفي مقدمتهم شيخ الشهداء عمر المختار وكل الذين رووا أرض الوطن بدمائهم الزكية لتظل ليبيا حرة كريمة تأبى الظلم والطغيان وتبقى نفوس الليبيين عزيزة أبية لا تركع لغير الله ، وإننا ونحن نرى تلك الشعارات التي تعج بها الشوارع التونسية والمصرية مطالبة بالتغيير واستعادة الحقوق نتطلع قريبا جدا إلى اليوم الذي تلهج فيه حناجر أحرار وحرائر شعبنا بهذه الشعارات في شوارع طرابلس وبنغازي ومصراتة والبيضاء وسبها والزاوية وطبرق وغريان وفزان ودرنة واجدابيا وغيرها من مدننا وقرانا الحبيبة ... وإن غدا لناظره قريب .
الحركة الإسلامية الليبية للتغيير
الثلاثاء 12 ربيع الأول 1432 هـ
الموافق 15 فبراير 2011 م